كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 131 """"""
لإِخْوانِهِ ، لاَ سِيَّما مَنْ تَحَرَّمَ بِخُوَانِهِ ، وَنَعُودُ إِلَى حَدِيثِ المَضِيرَةِ ، فَقَدْ حَانَ وَقْتُ الظَّهِيرَةِ ، يَا غُلاَمُ الطَّسْتَ وَالمَاءَ فَقُلْتُ : اللهُ أَكْبَرُ ، رُبَّمَا قَرُبَ الفَرَجُ ، وَسَهُلَ المَخْرَجُ ، وَتقَدَّمَ الغُلاَمُ ، فَقَالَ : تَرى هذَا الغُلاَمَ ? إِنَّهُ رُومِيُّ الأَصْلِ ، عِرَاقِيُّ النَّشْءِ . تَقَدَّمْ يَا غُلاَمُ وَاحْسِرْ عَنْ رَأْسِكَ ، وَشَمِّرْ عَنْ سَاقِكَ ، وانْضُ عَنْ ذِرَاعِكَ ، وَافْتَرَّ عَنْ أَسْنَانِكَ ، وَأَقْبِلْ وَأَدْبِرْ ، فَفَعَلَ الغُلاَمُ ذَلِكَ ، وَقَالَ : التَّاجِرُ : باللهِ منَ ِاشْتَرَاهُ ? اشْتَرَاهُ وَاللهِ أَبُو العَبَّاسِ ، مِنَ النَّخَّاسِ ، ضَعِ الطَّسْتَ ، وَهَاتِ الإِبْريقَ ، فَوَضَعَهُ الغُلاَمُ ، وَأَخَذَهُ التَّاجِرُ وَقَلَّبَهُ وَأَدَارَ فِيهِ النَّظَرَ ثُمَّ نَقَرَهُ ، فَقَالَ : انْظُرْ إِلى هَذَا الشَّبَهِ كَأَنَّهُ جِذْوَةُ اللَّهَبِ ، أَوْ قِطْعَةٌ مِنَ الذَّهَبِ ، شَبَهُ الشَّامِ ، وَصَنْعَةُ العِراقِ ، لِيْسَ مِنْ خُلْقَانِ الأَعْلاَقِ قَدْ عَرَفَ دُورَ المُلُوكِ ودَارَهَا ، تَأَمَّلْ حُسْنَهُ وَسَلْنِي مَتَى اشْتَرَيْتُهُ ? اشْتَرَيْتُهُ واللهِ عَامَ المَجَاعَةِ ، وَادَّخَرْتُهُ لِهَذِهِ السَّاعَةِ ، يَا غُلاَمُ

الصفحة 131