كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 133 """"""
فَاتَّخَذَتَ امْرَأَتِي بَعْضَهُ سَرَاوِيلاً ، وَاتَّخَذْتُ بَعْضَهُ مِنْدِيلاً ، دَخَلَ فِي سَرَاوِيلهَا عِشْرُونَ ذِرَاعاً ، وانْتَزَعْتُ مِنْ يَدِهَا هَذَا القْدَرَ انْتِزاعاً ، وأَسْلَمْتُهُ إِلى المُطَرِّزِ حَتَّى صَنَعَهُ كَمَا تَرَاهُ وَطَرَّزَهُ ، ثُمَّ رَدَدْتُهُ مِنَ السُّوقِ ، وَخَزَنْتُهُ في الصُّنْدُوقِ ، وَأَدَّخَرْتُهُ لِلْظِّرَافِ ، مِنْ الأَضْيَافِ لَمْ تُذِلَّهُ عَرَبُ العَامّضةِ بِأَيْدِيهَا ، وَلاَ النِّسَاءُ لِمَآقِيهَا ، فَلِكُلِّ عِلْقٍ يَوْمٌ ، وَلِكُلِّ آلَةٍ قَوْمٌ ، يَاغُلاَمُ الْخُوَانَ ، فَقَدْ طَالَ الزَّمَانُ ، وَالقِصَاعَ ، فَقَدْ طَالَ المِصَاعُ ، والطَّعَامَ ، فَقَدْ كَثْرَ الكَلامَ ، فَأَتَى الغُلاَمُ بَالخُوَانِ ، وَقَلَّبَهُ التَّاجِرُ عَلَى المَكانِ ، وَنَقَرَهُ بِالبَنَانِ ، وَعَجَمَهُ بِالأَسْنَانِ ، وَقَالَ : عَمَّرَ اللهُ بَغْدَادَ فَما أَجْوَدَ

الصفحة 133