كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 146 """"""
حَتَّى إِذَا أَرَدْنَا الافْتِراقَ قَالَ : ياعِيسَى هَذا وَأَبِيكَ الحَدِيثُ ، فَمَا الَّذي أَرَادَ بِالشَّيْطَانَةِ ? قُلْتُ : لاَ واللهِ مَا أَدْرِي ، غَيْرَ أَنِّي هَمَمْتُ أَنْ أَخْطُبَ إِليَّ أَحَدِهِمْ وَلَمْ أُحَدِّثَ بِما هَمَمْتُ بِهِ أَحَداً ، وَاللهِ لا أَفْعَلُ ذَلِكَ أَبَداً ، فَقَالَ : مَا هَذا وَاللهِ إِلاَّ شَيْطَانٌ فِي أَشْطَانٍ ، فَرَجِعْنَا إِلَيْهِ ، وَوَقَفْنَا عَلَيْهِ ، فَابْتَدَرَ بِالْمَقَالِ ، وَبَدأَنَا بِالسُّؤَالِ ، فَقالَ : لَعَلَّكُمَا آثَرْتُمَا ، أَنْ تَعْرِفَا مِنْ أَمْرِي ما أَنْكَرْتُمَا ، فَقُلْنَا : كُنْتَ مِنْ قَبْلُ مُطَّلِعَاً على أُمُورِنَا ، وَلَمْ تَعْدُ الآنَ مَا في صُدُورِنَا ، فَفَسِّرْ لَنَا أَمْرَكَ ، وَاكْشِفْ لَنَا سِرَّكَ ، فَقالَ
أَنَا يَنْبُوعُ العَجَائِبْ فِي احْتِيَالِي ذُو مَرَاتِبْ
أَنَا فِي الحَقِّ سَنَامٌ أَنَا في البَاطِلِ غَارِبْ
أَنَا إِسكَنْدَرُ دَارِي فِي بِلادِ اللهِ سِارِبْ
أَغْتَدِي فِي الدَّيْرِ قِسِّيساً ، وَفي المَسْجِدِ رَاهِبْ

الصفحة 146