كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 155 """"""
كَمْ عَايَنْتَ مِن ذِي عِزَّةٍ وَسُلْطانٍ ، وَجُنُودٍ وَأَعْوَانٍ ، قَدْ تَمكَّنَ مِنْ دُنْياهُ ، وَنالَ مِنْهَا مُنَاهُ ، فَبَنَى الحُصُونَ وَالدَّسَاكِرَ ، وَجَمَعَ الأَعْلاَقَ وَالعَساكِرَ
فَمَا صَرَفَتْ كَفَّ المَنِيَّةِ إِذْ أَتَتْ مُبادِرَةً تًهْوِى إِلَيْهِ الذَّخائِرُ
وَلا دَفَعَتْ عَنْهُ الحُصونُ الَّتي بَنَى وَحَفَّتْ بِها أَنْهارُها والدَّساكِرُ
وَلا قَارَعَتْ عَنْهُ المَنِيَّةَ حِيلَةٌ وَلا طَمِعَتْ في الذَّبِّ عَنْهُ العَساكِرُ
يا قَوْمُ الحَذَرَ الحَذَرَ ، وَالبِدارَ البِدارَ ، مِنْ الدُّنْيا وَمَكايدِهَا ، وَمَا نَصَبَتْ لكُمْ من مَصايِدِها ، وَتَجَلَّتْ لَكُمْ مِنْ زِينَتِها ، واسْتَشْرَفَتْ لَكُمْ مِنْ بَهْجَتِهَا .
وَفي دُونِ مَاعَاَينْتَ مِنْ فَجَعاتِهَا إِلَى رَفْضِهَا دَاعٍ وَبالزُّهْدِ آمِرُ
فَجِدَّ وَلا تَغْفُلْ فَعَيْشُكَ بَائِدٌ وَأَنْتَ إِلَى دارِ المَنِيَّةِ صائِرُ
وَلا تَطْلُبِ الدُّنْيا فَإِنَّ طِلابَها وَإِنْ نِلْتَ مِنْهَا رَغْبَةً لَكَ ضَائِرُ
وَكَيْفَ يَحْرِصُ عَلَيْها لَبيبٌ ، أَوْ يُسَرُّ بِهَا أَريبٌ ، وَهْوَ عَلى ثِقَةٍ مِنْ

الصفحة 155