كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 199 """"""
اسْكُتْ يِا فُضُولِيُّ ، ثُمَّ مالَ إِلى أَحَدِ الخَصْمَيَنِ فَقَالَ : يَا هَذَا إِلَى كَمْ هَذِهِ المُنافَسَةُ مَعَ النَّاسِ ، بِهذَا الرَّأْسِ ? تَسَلَّ عَنْ قَلِيلِ خَطَرِهِ ، إِلى لَعْنَةِ اللهِ وَحَرِّ سَقَرِهِ ، وَهَبْ أَنَّ هَذا الرَّأْسَ لَيْسَ ، وَأَنَا لَمْ نَرَ هذَا التَّيْسَ .
قَالَ عِيسَى بْنُ هِشَامٍ : فَقُمْتَ مِنْ ذَلِكَ المَكَانِ خَجِلاً ، وَلَبِسْتُ الثِّيابَ وَجِلاً ، وَانْسَلَلْتُ مِنْ الحَمَّامِ عَجِلاً ، وَسَبَبْتُ الغُلاَمَ بِالعَضِّ وَالمصِّ ، وَدَقَقْتُهُ دَقَّ الجِصِّ ، وَقُلْتْ لآخَرَ : اذْهَبْ فَأْتِني بِحَجَّامٍ يَحُطُّ عَنِّي هَذا الثِّقَلَ ، فَجَاءَني بِرَجُلِ لَطِيفِ البِنْيَةِ ، مَلِيحِ الحِلْيَةِ ، في صُورَةِ الدُّمْيَةِ ، فارْتَحْتُ إِلَيْهِ ، وَدَخَلَ فَقَالَ : السَّلاَمُ عليْكَ ، وَمِنْ أَيِّ بَلَدٍ أَنْتَ ? فَقُلْتُ : مِنْ قُمَّ ، فَقَالَ : حَيَّاكَ اللهُ مِنْ أَرْضِ النِّعْمَةِ وَالرَّفَاهَةِ وَبَلَدِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ ، وَلَقَدْ حَضَرْتُ فِي شَهْرِ رَمضانَ جَامِعَها وَقَدْ أُشْعِلَتْ فِيهِ المَصَابِيحُ ،

الصفحة 199