كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 200 """"""
وَأُقِيَمتِ التَّرَاويحُ ، فَمَا شَعَرْنا إِلاَّ بِمَدِّ النِّيلِ ، وَقَدْ أَتَى عَلَى تِلْكَ القَنَادِيلِ ، لكِنْ صَنَعَ اللهُ لِي بِخُفِّ قَدْ كُنْتُ لَبِسْتُهُ رطْباً فَلَمْ يَحْصُلْ طِرَازُهُ على كُمِّهِ ، وَعَادَ الصَّبيُّ إِلِى أُمِّهِ ، بَعْدَ أَنْ صَلَّيْتُ العَتَمَةَ واعْتَدَلَ الظِّلُّ ، وَلَكِنْ كَيفَ كَانَ حَجُّكَ ? هَلْ قَضَيْتَ منَاَسِكَهُ كَما وَجَبَ ، وَصَاحُوا العَجَبَ العَجَبَ ? فَنَظَرْتُ إِلى المَنَارَةِ ، وَمَا أَهْوَنَ الحَرْبَ عَلى النَّظَّارَةِ ، وَوجَدْتُ الهَرِيسَةَ عَلى حالِهَا ، وَعَلِمْتُ أَنَّ الأَمْرَ بِقَضَاءٍ ِمنَ اللهِ وَقَدرٍ ، وَإِلَى مَتَى هَذَا الضَّجَرُ ? وَاليَوْمُ وَغَدُ ، وَالسَّبْتُ وَالأَحَدُ ، وَلا أَطِيلُ وَمَا هَذا القَالَ وَالقِيلَ ? وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ المُبَرِّدَ فِي النَّحْوِ حَدِيدُ المُوسَى فَلاَ تَشْتَغِلْ بِقَوْلِ العَامَّةِ ؛ فَلَوْ كَانَتْ الاسْتِطاعَةُ قَبْلَ الفِعْلِ لَكُنْتُ قَدْ حَلَقْتُ رَأَسَكَ ، فَهَلْ تَرَى أَنْ نَبْتَدِئَ ? .
قَالَ عِيسَى بْنُ هِشَامٍ : فَبَقَيْتُ مُتَحَيِّراً مِنْ بَيَانِهِ ، فِي هَذَيَانِهِ ، وَخَشِيتُ أَنْ يَطُولَ مَجْلِسَهُ ، فَقُلْتُ : إِلى غَدٍ إِنْ شَاءَ اللهُ ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ مَنْ حَضَرَ ، فَقَالوا : هَذا رَجُلٌ مِنْ بِلادِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ لَمْ يُوَافْقُهُ هَذا المَاءُ ، فَغَلَبَتْ عَلْيِهِ السَّوْدَاءُ ، وَهُو طُولَ النَّهارِ يَهْذِي كَمَا تَرَى ، وَوَرَاءَهُ فَضْلٌ كَثِيرٌ ، فَقُلْتُ : قَدْ

الصفحة 200