كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 274 """"""
البَرْقِ ، عَجُوزُ المَلْقِ ، كَالَّلهَبِ في العُرُوقِ ، وَكَبَرْدِ النَّسِيم فِي الحُلُوقِ ، مِصْبَاحُ الفِكْرِ ، وَتِرْيَاقُ سَمِّ الدَّهْرِ ، بِمِثْلِهَا عُزّزَ المَيِّتُ فَانْتَشَرَ ، وَدُووِيَ الأَكْمَهُ فَأَبْصَرَ ، قُلْنَا : هذِهِ الضَّالَّةُ وَأَبِيكِ ، فَمنِ المُطْرِبُ فِي نَادِيكِ ? .
وَلَعَلَّهَا تُشَعْشَعُ لِلشَّرْب ، بِرِيقِكِ العَذْبِ ، قَالَتْ : إِنَّ لِي شَيْخاً ظَرِيفَ الطَّبْعِ ، طَرِيفَ المُجُونِ ، مَرَّ بِي يَوْمَ الأَحَدِ فِي دَيْرِ المِرْبَدِ ، فَسَارَّنِي حَتَّى سَرَّنِي ، فَوَقَعَتِ الخُلْطَةُ ، وَتَكَرَّرَتِ الغِبْطَةُ ، وَذَكَرَ لِي مِنْ وُفُورِ عِرْضِهِ ، وَشَرَفِ قَوْمِهِ فِي أَرْضِهِ ، مَا عَطَفَ بِهِ وُدّي ، وَحَظِيَ بِهِ عِنْدِي ، وَسَيَكُونُ لَكُمْ بِهِ أُنْسٌ ، وَعَلَيْهِ حِرْصٌ ، قَالَ : وَدَعَتْ بِشَيْخِهَا فَإِذَا هُوَ إِسْكَنْدَرِينَا أَبُو الفَتْحِ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا الفَتْحِ ، واللهِ كَأَنَّمَا نَظَرَ إِلَيْكَ ، وَنَطَقَ عَنْ لِسَانِكَ الَّذِي يَقُولُ :
كَانَ لِي فِيمَا مَضَ ى عَقْلٌ وَدِينٌ وَاسْتِقَامَةْ
ثُمَّ قَدْ بِعْنَا بِحَمْدِ اللهِ فِقْهاً بِحِجامَةْ
وَلَئِنْ عِشْنَا قَلِيلاً نَسأَلُ اللهَ السَّلاَمَةْ

الصفحة 274