كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 277 """"""
بِالفَانِي ، وَشُغِلْتُمْ عَنْ النَّائِي بِالدَّانِي ، هَلْ الدُّنْيَا إِلاَّ مُنَاخُ رَاكِبٍ ، وَتَعِلَّةُ ذَاهِبٍ ? وَهَلْ المَالُ إِلاَّ عَارِيَةٌ مُرْتَجَعَةٌ ، وَوَدِيعَةٌ مُنْتزَعَةٌ ? يُنْقَلُ مِنْ قَوْمٍ إِلَى آخَرِينَ ، وَتَخْزُنُهُ الأَوَائِلُ لِلآخِرِينَ ، هَلْ تَرَوْنَ المَالَ إِلاَّ عِنْدَ البُخَلاَءِ ، دُوَنَ الكُرَماءِ ، وَالجُهَّالِ دُونَ العُلَمَاءِ ? إِيَّاكُمْ وَالانْخِدَاعَ فَلَيْسَ الفَخْرُ إِلاَّ في إِحْدَى الجِهَتَيْنِ ، وَلا التَّقَدُّمُ إِلاَّ بِإِحْدَى القِسْمَتَيْنِ : إِمَّا نَسَبٌ شَرِيفٌ ، أَوْ عِلْمٌ مُنَيفٌ ، وَأَكْرِمْ بِشَيءٍ يُحْمَلُ عَلى الرُّؤُوسِ حَامِلُهُ ، وَلا يَيْأَسُ مِنْهُ آمِلُهُ ، وَاللهِ لَوْلاَ صِيَانَةُ النَّفْسِ وَالعِرْضِ ، لَكُنْتُ أَغْنَى أَهْلِ الأَرْضِ ، لأَنَّنِي أَعْرِفُ مَطْلَبَيْنِ ، أَحَدُهُمَا بِأَرْضِ طَرْسُوسَ ، تَشْرَهُ فِيهِ النُّفُوسُ ، مِنْ ذَخَائِرِ العَمَالِقَةِ ، وَخَبَايَا البَطارِقَةِ ، فِيهِ مَائَةُ أَلْفِ مِثْقالٍ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَهْوَ مَا بَينَ سُورَا وَالجَامِعَيْنِ ، فِيهِ مَا يَعُمُّ أَهْلَ الثَّقَلْينِ ، مِنْ كُنُوزِ الأَكَاسِرَةِ ،

الصفحة 277