كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية
"""""" صفحة رقم 41 """"""
الأَبْدَانَ ، وَرَكِبَ الجَنَادِبُ الْعِيدَانَ ، فَقَالَ : أَلاَ تَقِيلُونَ فِي الظِّلِّ الْرَّحْبِ ، عَلى هَذا المَاءِ الْعَذْبِ ? فَقُلْنَا : أَنْتَ وَذَاكَ فَنَزَلَ عَنْ فرَسِهِ ، وَحَلَّ مِنْطَقَتَهُ ، وَنَحَى قُرْطَقَتَهُ فَمَا اسْتَرَعَنَّا إِلاَّ بِغِلاَلَةٍ تَنِمُّ عَنْ بَدَنِهِ ، فَمَا شَكَكْنَا أَنَّهُ خَاصَمَ الوِلْدَانَ ، فَفَارَقَ الْجِنَانَ ، وَهَرَبَ مِنْ رِضْوَانٍ ، وَعَمَدَ إِلَى السُّرُوجِ فَحَطَّهَا ، وإِلَى الأَفْراسِ فَحشَّهَا ، وإِلَى الأَمْكِنةِ فَرَشَّهَا ، وَقَدْ حَارَتِ الْبَصَائِرُ فِيهِ ، وَوَقَفْتِ الأَبْصَارُ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : يَا فَتَى مَا أَلْطَفَكَ فِي الٍخِدْمَةِ ، وَأَحْسَنَكَ فِي الجُمْلَةِ ، فَالْوَيْلُ لِمَنْ فَارَقْتَهُ ، وَطُوبَى لِمَنْ رَافَقْتَهُ ، فَكَيِفَ شُكْرُ اللهِ عَلَى الْنِعْمَةَ بِكَ ? فَقَالَ : مَا سَتَرُونَهُ مِنِّي أَكْثَرُ ، أَتُعْجِبُكُمْ خِفَّتي فِي الخِدْمَةِ ، وَحُسْنِيَ فِي الجُمْلَةِ ? فَكَيِفَ لَوْ رَأَيْتُمُونِي فِي الْرُّفْقًةِ ? أُرِيكُمْ مِنْ حِذْقِيَ طُرَفَا ، لِتَزْدَاُدوا بِي
الصفحة 41