كتاب مقامات بديع الزمان الهمذاني - العلمية

"""""" صفحة رقم 83 """"""
تُميطُهُ الأَعْلاَمُ ، قُلْتُ : فَمَا الطُّعْمَةُ ? قَالَ : أَجُوبُ جُيُوبَ البِلاَدِ ، حَتَّى أَقَعَ عَلى جَفْنَةِ جَوادٍ ، وَلِي فُؤَادٌ يَخْدِمُهُ لِسَانٌ ، وَبَيَانٌ يَرْقُمُهُ بَنَانٌ وَقٌصَارَاي كَرِيمٌ يَخْفِضُ لِي جَنِيبَتَهُ ، وَيَنْفُضُ إِليَّ حَقِيبَتَهُ ، كَابْنِ حُرَّةٍ طَلَعَ عَلَيَّ بِالأمْسِ ، طُلُوعَ الشَّمسِ ، وَغَربَ عَنِّي بِغُرُوبِها ، لكِنَّهُ غَابَ وَلمْ يَغِبْ تَذْكارُهُ ، وَوَدَّعَ وَشَيَّعْتَني آثَارُهُ ، وَلا يُنْبِئُكَ عنْهَا ، أَقْرَبُ مِنُهَا ، وَأَوْمأَ إِلى ما كانَ لَبِسَهُ ، فَقُلْتُ : شَحَّاذٌ وَرَبِّ الْكَعْبةِ آخَّاذُ ، لَهُ فِي الصَّنْعَةِ نَفَاذٌ ، بَلْ هُوَ فِيها أُسْتاذٌ ، وَلاَ بُدَّ مِنْ أَنْ تَرْشَحَ لَهُ ، وَتَسِحَّ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : يَا فَتَى قَدْ جَلَّيْتَ عِبَارَتَكَ ، فَأَيْنَ شِعْرُكَ مِنْ كَلاَمِكَ ? فَقَالَ : وَأَيْنَ كَلامِي مِنْ شِعْرِي ? ثُمَّ اسْتَمَدَّ غَرِيزَتَهُ ، وَرَفَعَ

الصفحة 83