كتاب الفرق بين الفرق

فى شىء وَاحِد وَهُوَ النّظر وَالِاسْتِدْلَال الْوَاجِب عَلَيْهِ قبل وُصُوله الى معرفَة الله فان يفعل ذَلِك يكن مُطيعًا لله تَعَالَى لِأَنَّهُ قد أمره بِهِ وان لم يكن قصد بِفِعْلِهِ لذَلِك النّظر الاول التَّقَرُّب بِهِ الى الله عز وَجل وَلَا تصح مِنْهُ طَاعَة لله تَعَالَى سواهَا الا اذا قصد بهَا التَّقَرُّب بهَا اليه لانه يُمكنهُ ذَلِك اذا توصل بِالنّظرِ الاول الى معرفَة الله تَعَالَى وَلَا يُمكنهُ قبل النّظر الاول التَّقَرُّب بِهِ اليه اذا لم يكن عَارِفًا بِهِ قبل نظره واستدلاله وَاسْتدلَّ أَبُو الْهُذيْل على دَعْوَاهُ صِحَة وُقُوع طاعات الله تَعَالَى مِمَّن لَا يعرفهُ بِأَن قَالَ ان أوَامِر الله تَعَالَى بازائها زواجره فَلَو كَانَ من لَا يعرفهُ فعل ترك جَمِيع أوامره وَجب ان يكون قد صَار الى جَمِيع زواجره وان يكون من ترك جَمِيع الطَّاعَات قد صَار الى جَمِيع المعاصى وَلَو كَانَ كَذَلِك لصار الدهرى يَهُودِيّا ونصرانيا ومجوسيا وعَلى اديان سَائِر الْكَفَرَة واذا صَار المجوسى تَارِكًا لكل كفر سوى الْمَجُوسِيَّة علمنَا أَنه عَارض بمجوسيته الَّتِى قد نهى عَنْهَا ومطيع لله عز وَجل بترك مَا تَركه من انواع الْكفْر لانه مَأْمُور بِتَرْكِهَا فَقلت لَهُ لَيْسَ الامر فى أوَامِر الله تَعَالَى وزواجره على مَا ظننته وَلَكِن لَا خصْلَة من الطَّاعَة الا ويضادها معاص متضادة وَلَا خصْلَة من الايمان الا ويضادها خِصَال متضادة كل نوع مِنْهَا يضاد النَّوْع الآخر

الصفحة 107