كتاب الفرق بين الفرق

الفضيحة الرَّابِعَة من فضائحه قَوْله فى الانسان إِنَّه شىء غير هَذَا الْجَسَد المحسوس وَهُوَ حى عَالم قَادر مُخْتَار وَلَيْسَ هُوَ متحركا وَلَا سَاكِنا وَلَا متلونا وَلَا يرى وَلَا يلمس وَلَا يحل موضعا دون مَوضِع وَلَا يحويه مَكَان دون مَكَان فاذا قيل لَهُ أَتَقول إِن الانسان فى هَذَا الْجَسَد أم فى السَّمَاء أم فى الارض أم فى الْجنَّة أم فى النَّار قَالَ لَا اطلق شَيْئا من ذَلِك ولكنى أَقُول إِنَّه فى الْجَسَد مُدبر وفى الْجنَّة منعم اَوْ فى النَّار معذب وَلَيْسَ هُوَ فى شَيْء من هَذِه الاشياء حَالا وَلَا مُتَمَكنًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بطويل وَلَا عريض وَلَا عميق وَلَا ذى وزن فوصف الانسان بِمَا يُوصف بِهِ الاله سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ وَصفه بِأَنَّهُ حى عَالم قَادر حَكِيم وَهَذِه الاوصاف وَاجِبَة لله تَعَالَى ثمَّ نزه الانسان عَن أَن يكون متحركا اَوْ سَاكِنا اَوْ حارا اَوْ بَارِدًا اَوْ رطبا اَوْ يَابسا اَوْ ذَا لون اَوْ وزن اَوْ طعم اَوْ رَائِحَة وَالله سُبْحَانَهُ منزه عَن هَذِه الاوصاف وكما زعم أَن الانسان فى الْجَسَد مُدبر لَهُ لَا على معنى الْحُلُول والتمكن فِيهِ كَذَلِك الاله عِنْده فى كل مَكَان على معنى أَن مُدبر لَهُ عَالم بِمَا يجرى فِيهِ لَا على معنى الْحُلُول والتمكن فِيهِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يعبد الانسان لوصفه إِيَّاه بِمَا يُوصف الاله بِهِ فَلم يحسن على اظهار القَوْل بذلك فَقَالَ بِمَا يُؤدى اليه ثمَّ إِن هَذَا القَوْل يُوجب عَلَيْهِ أَن لَا يرى إِنْسَان إنْسَانا

الصفحة 140