كتاب الفرق بين الفرق

ذكر الثمامية مِنْهُم هَؤُلَاءِ اتِّبَاع ثُمَامَة بن اشرس النميرى من مواليهم وَكَانَ زعيم الْقَدَرِيَّة فى زمَان الْمَأْمُون والمعتصم والواثق وَقيل انه هُوَ الذى اغوى الْمَأْمُون بَان دَعَاهُ الى الاعتزال وَانْفَرَدَ عَن سَائِر اسلاف الْمُعْتَزلَة ببدعتين اكفرته الامة كلهَا فِيهَا احداهما انه لما شَاركهُ اصحاب المعارف فى دَعوَاهُم ان المعارف ضَرُورِيَّة زعم ان من لم يضطره الله تَعَالَى الى مَعْرفَته لم يكن مَأْمُورا بالمعرفة وَلَا مَنْهِيّا عَن الْكفْر وَكَانَ مخلوقا للسحرة والاعتبارية فَحسب كَسَائِر الْحَيَوَانَات الَّتِى لَيست بمكلفة وَزعم لاجل ذَلِك ان عوام الدهرية وَالنَّصَارَى والزنادقة يصيرون فى الْآخِرَة تُرَابا وَزعم ان الْآخِرَة انما هى دَار ثَوَاب اَوْ عِقَاب وَلَيْسَ فِيهَا لمن مَاتَ طفْلا وَلَا لمن يعرف الله تَعَالَى بِالضَّرُورَةِ طَاعَة يسْتَحقُّونَ بهَا ثَوابًا وَلَا مَعْصِيّة يسْتَحقُّونَ عَلَيْهَا عقَابا فيصيرون حِينَئِذٍ تُرَابا اذ لم يكن لَهُم حَظّ فى ثَوَاب وَلَا عِقَاب والبدعة الثَّانِيَة من بدع ثُمَامَة قَوْله بَان الافعال المتولدة افعال لَا فَاعل لَهَا وَهَذِه الضَّلَالَة تجر الى انكار صانع الْعَالم لانه لَو صَحَّ وجود فعل بِلَا فَاعل لصَحَّ وجود كل فعل بِلَا فَاعل وَلم يكن حِينَئِذٍ من الافعال دلَالَة على فاعلها وَلَا كَانَ فى حُدُوث الْعَالم دلَالَة على صانعة كَمَا لَو أجَاز انسان وجود كِتَابَة لَا من كَاتب وَوُجُود مَنْسُوخ ومبنى لَا من بَان

الصفحة 157