كتاب الفرق بين الفرق

فان كَانَ ذَلِك الْوَجْه مَعْدُوما كَانَ فِيهِ إِثْبَات شىء وَاحِد مَوْجُودا ومعدوما وَإِن كَانَ مَوْجُودا لم يخل من أَن يكون مخلوقا أم لَا فان كَانَ مخلوقا ثَبت أَنه مَخْلُوق من كل وَجه وان لم يكن مخلوقا صَار الْعقل قَدِيما من وَجه خلقا من وَجه آخر وَهَذَا محَال فألزم على هَذَا كَون الشىء مرَادا من وَجه مَكْرُوها من وَجه آخر وَقيل لَهُ إِن الْإِرَادَة عنْدك لَا تتَعَلَّق بالشىء إِلَّا على وجهة الْحُدُوث وَكَذَلِكَ الْكَرَاهَة فاذا كَانَ مرَادا من جِهَة مَكْرُوها من جِهَة أُخْرَى وَجب أَن يكون المريد قد اراد مَا اراد وَكره مَا اراد وَهَذَا متناقض فَقَالَ لَا يكون المريد للشىء مرِيدا لَهُ إِلَّا من جَمِيع وجوهه حَتَّى لَا يجوز أَن يكرههُ من وَجه فألزم عَلَيْهِ الْمَعْلُوم والمجهول اذ لَا يُنكر كَون شىء وَاحِد مَعْلُوما من وَجه مَجْهُولا من وَجه آخر وَلما ارْتكب قَوْله بِأَن الشىء الْوَاحِد لَا يكون مرَادا من جِهَة مَكْرُوها من جِهَة أُخْرَى حلت على نَفسه مسَائِل فِيهَا هدم اصول الْمُعْتَزلَة وَقد ارْتكب اكثرها مِنْهَا انه يلْزمه ان يكون من القبائح الْعِظَام مَا لم يكرههُ الله تَعَالَى وَمن الْحسن الْجَمِيل مالم يردهُ وَذَلِكَ انه اذا كَانَ السُّجُود لله تَعَالَى عبَادَة عبَادَة الصَّنَم مَعَ ان السُّجُود للصنم قَبِيح عَظِيم وَكَذَلِكَ اذا اراد أَن يكون القَوْل بِأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله إِخْبَارًا عَن مُحَمَّد بن عبد الله

الصفحة 178