كتاب الفرق بين الفرق

الدهرية والفلاسفة أَن الْفلك وَالْكَوَاكِب طبيعة خَامِسَة لَا تقبل الْفساد والفناء وَكَانَ النَّاس يتعجبون من قَول الْمُعْتَزلَة البصرية إِن الله تَعَالَى يقدر على افناء الاجسام كلهَا دفْعَة وَاحِدَة وَلَا يقدر على افناء بَعْضهَا مَعَ بَقَاء بعض مِنْهَا وَزَالَ هَذَا التَّعَجُّب بقول من زعم من الكرامية انه لَا يقدر على إعدام جسم بِحَال وأعجب من هَذَا كُله أَن ابْن كرام وصف معبوده بالثقل وَذَلِكَ انه قَالَ فى كتاب عَذَاب الْقَبْر فى تَفْسِير قَول الله عز وَجل {إِذا السَّمَاء انفطرت} انها انفطرت من ثقل الرَّحْمَن عَلَيْهَا ثمَّ إِن ابْن كرام واكثر أَتْبَاعه زَعَمُوا ان الله تَعَالَى لم يزل مَوْصُوفا باسمائه المشتقة من افعاله عِنْد أهل اللُّغَة مَعَ اسْتِحَالَة وجود الافعال فى الازل فزعموا أَنه لم يزل خَالِقًا رازقا منعما من غير وجود خلق ورزق ونعمة مِنْهُ وَزَعَمُوا أَنه لم يزل خَالِقًا بخالقية فِيهِ ورازقا برازقية فِيهِ وَقَالُوا ان خالقيته قدرته على الْخلق ورازقيته قدرته على الرزق وَالْقُدْرَة قديمَة والخلق والرزق حادثان فِيهِ بقدرته وَقَالُوا بالخلق يصير الْمَخْلُوق من الْعَالم مخلوقا وَبِذَلِك الرزق الْحَادِث فِيهِ يصير المرزوق مرزوقا وأعجب من هَذَا فرقهم بَين الْمُتَكَلّم وَالْقَائِل وَبَين الْكَلَام وَالْقَوْل وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا ان الله تَعَالَى لم يزل متكلما قَائِلا ثمَّ فرقوا بَين الاسمين فى الْمَعْنى فَقَالُوا انه لم يزل متكلما

الصفحة 206