كتاب الفرق بين الفرق

وَهَذِه الْعبارَات السخيفة لائقة بمذهبه السخيف ثمَّ انه مَعَ أَصْحَابه تكلمُوا فى مقدورات الله تَعَالَى فزعموا انه لَا يقدر الا على الْحَوَادِث الَّتِي تحدث فى ذَاته من ارادته وأقواله وادراكاته وملاقاته لما يلاقيه فاما الْمَخْلُوقَات من اجسام الْعَالم وأعراضها فَلَيْسَ شىء مِنْهَا مَقْدُورًا لله تَعَالَى وَلم يكن الله تَعَالَى قَادِرًا على شىء مِنْهَا مَعَ كَونهَا مخلوقة وانما خلق كل مَخْلُوق من الْعَالم بقوله كن لَا بقدرته وَهَذِه بِدعَة لم يسْبقُوا اليها لَان النَّاس قبلهم اخْتلفُوا فى مقدورات الله تَعَالَى على مَذَاهِب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة كل مَخْلُوق كَانَ مَقْدُورًا لله تَعَالَى قبل حُدُوثه وَهُوَ مُحدث جَمِيع الْحَوَادِث بقدرته وَزعم معمر أَن الاجسام كلهَا كَانَت مقدورة لَهُ قبل أَن خلقهَا وَلَيْسَت الاعراض مخلوقة لَهُ وَلَا مقدورة لَهُ وَقَالَ اكثر الْمُعْتَزلَة ان الاجسام والالوان والطعوم والروائح وَسَائِر أَجنَاس الاعراض كَانَت مقدورة لله تَعَالَى وانما امْتَنعُوا من وَصفه بِالْقُدْرَةِ على مقدورت غَيره وَقَالَت الْجَهْمِية الْحَوَادِث كلهَا مقدورة لله تَعَالَى وَلَا قَادر وَلَا فَاعل غَيره وَمَا قَالَ أحد قبل الكرامية باختصاص قدرَة الاله بحوادث تحدث فى ذَاته بزعمهم تَعَالَى الله عَن قَوْلهم علوا كَبِيرا ثمَّ انهم تكلمُوا فى بَاب التَّعْدِيل والتحوير بعجائب مِنْهَا قَوْلهم يجب ان يكون اول شىء خلقه

الصفحة 208