كتاب الفرق بين الفرق

الله تَعَالَى جسما حَيا يَصح مِنْهُ الِاعْتِبَار وَزَعَمُوا أَنه لَو بَدَأَ بِخلق الجمادات لم يكن حكيما وَزَادُوا فى هَذِه الْبِدْعَة على الْقَدَرِيَّة فى قَوْلهَا لَا بُد من أَن يكون فى الْخلق من يَصح مِنْهُ الِاعْتِبَار وَلَيْسَ بِوَاجِب أَن يكون اول الْخلق حَيا يَصح مِنْهُ الِاعْتِبَار وَقد ردوا ببدعتهم هَذِه الاخبار الصَّحِيحَة فى أَن أول شىء خلقه تَعَالَى اللَّوْح والقلم ثمَّ أجْرى الْقَلَم على اللَّوْح بِمَا هُوَ كَائِن الى يَوْم الْقِيَامَة وَقَالُوا لَو خلق الله تَعَالَى الْخلق وَكَانَ فى معلومه انه لَا يُؤمن بِهِ اُحْدُ مِنْهُم لَكَانَ خلقه إيَّاهُم عَبَثا وانما حسن مِنْهُ خلق جَمِيعهم لعلمه بأيمان بَعضهم وَقَالَ أهل السّنة لَو خلق الْكَفَرَة دون الْمُؤمنِينَ اَوْ خلق الْمُؤمنِينَ دون الْكَفَرَة جَازَ وَلم يقْدَح ذَلِك فى حكمته وَزَعَمت الكرامية أَنه لَا يجوز فى حِكْمَة الله تَعَالَى احترام الطِّفْل الذى يعلم أَنه إِن ابقاه الى زمَان بُلُوغه آمن وَلَا احترام الْكَافِر الذى لَو ابقاه الى مُدَّة آمن إِلَّا أَن يكون فى احترامه إِيَّاه قبل وَقت ايمانه صَلَاح لغيره ويلزمهم على هَذَا القَوْل ان يكون الله تَعَالَى انما احترام إِبْرَاهِيم بن النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل بُلُوغه لانه علم انه لَو أبقاه لم يُؤمن وفى هَذَا قدح مِنْهُم فى كل من مَاتَ من ذرارى الانبياء طفْلا وَمن جهالاتهم فى بَاب النُّبُوَّة والرسالة قَوْلهم بِأَن النُّبُوَّة والرسالة صفتان حالتان فى النبى

الصفحة 209