الأصل في التخفيف والتشديد: (تتذكرون) بتاءين، فمن شدّد الذال فإنه أدغم التاء الثانية في الذال للمقاربة «1»، ومن خفّف فإنه حذف إحدى التاءين استثقالا للجمع بينهما مع قرب الذال منهما، وكراهة الإدغام وثقله.
ومثله قوله تعالى: تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ [البقرة 85]، وتساءلون به [النساء 1]، وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ [الفرقان 25].
- واختلف في التاء المحذوفة، فقال سيبويه: الثانية «2»، وقال هشام «3»:
الأولى «4»، وقال الفراء: إحداهما بلا تعيين. لكن الأكثر على أن المحذوفة الثانية، لأن الأولى تدل على معنى الاستقبال فلا يجوز حذفها، والثانية من جملة الكلمة، فإذا حذفت دلّ ما بقي من الكلمة عليها «5».
وكلا الوجهين العلة فيهما واحدة، وهي الخفة، غير أن الحذف أخفّ من الإدغام، والدلالة على المعنى قائمة، فلهذا كان الحذف في مثل هذه الكلمة أكثر من الإدغام «6» «7».
__________
(1) انظر التطور اللغوي: د. عبد التواب، 38 - 40.
(2) انظر الكتاب: 4/ 476.
(3) هشام بن معاوية، الضرير، أبو عبد الله، النحوي الكوفي: أحد أعيان أصحاب الكسائي، بارع في الأدب، له: مختصر النحو، والحدود، والقياس.
توفي سنة 209 هـ.
انظر البلغة: 309، والبغية: 2/ 328، والأعلام: 8/ 88.
(4) سها ابن خالويه في الحجة والمهدوي، فقلبا قولي سيبويه وهشام. انظر الحجة (خ): 84، والهداية: 1/ 173.
(5) انظر الإنصاف: المسألة (93)، 2/ 648 - 650.
(6) انظر المعاني: 1/ 400؛ وإعراب السبع: 1/ 127؛ والحجة (خ): 84؛ والحجة (ع):
2/ 134 - 135، 3/ 430، 4/ 5 - 6، 5/ 341؛ والحجة (ز): 104، 188، 279؛ والكشف: 1/ 250 - 251، 375؛ والهداية: 2/ 297؛ والموضح: 1/ 287 - 288، 512 - 513، 2/ 521 - 522، 929.
(7) انظر الكتاب: 4/ 476؛ ومعاني القرآن: الفراء، 1/ 284؛ ومعاني القرآن: الأخفش، 1/ 388.