كتاب القدر للفريابي محققا

فَقَالَ: إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ, فَقُولُوا: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مِنْكُمْ بَرِيءٌ, وَأَنْتُمْ مِنْهُ بَرَآءٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, أَنَّهُمْ بَيْنَمَا هُمْ جُلُوسٌ, أَوْ قُعُودٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ يَمْشِي, حَسَنُ الْوَجْهِ, حَسَنُ الشَّعْرِ, عَلَيْهِ ثِيَابُ سَفَرٍ، فَنَظَرَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَى بَعْضٍ: مَا يُعْرَفُ هَذَا, وَلَا هَذَا بِصَاحِبِ سَفَرٍ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: آتِيكَ، قَالَ: "نَعَمْ"، فَجَاءَ فَوَضَعَ رُكْبَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ, وَيَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ, فَقَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟، قَالَ: "شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ" قَالَ: فَمَا الْإِيمَانُ؟، قَالَ: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَالْجَنَّةِ, وَالنَّارِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْقَدَرِ كُلِّهِ" قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ؟، قَالَ: "أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ" قَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟، قَالَ: "مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ"، قَالَ: فَمَا أَشْرَاطُهَا؟، قَالَ: "إِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ, الْعُرَاةَ, الْعَالَةَ, رِعَاءَ الشَّاةِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ, وَوَلَدَتِ الْإِمَاءُ أَرْبَابَهُنَّ".
ثُمَّ قَالَ: "عَلَيَّ الرَّجُلُ" فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا.
فَمَكَثَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، فَقَالَ: "يَا ابْنَ الْخَطَّابِ: تَدْرِي مَنْ ذَاكَ السَّائِلُ عَنْ كَذَا وَكَذَا؟ " قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "ذَاكَ جِبْرِيلُ؛ جَاءَ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ".
قَالَ: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ مُزَيْنَةَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِيمَ الْعَمَلْ؟ , أَفِي شَيْءٍ قَدْ خَلَا أَوْ مَضَى؟ , أَوْ فِي شَيْءٍ يُسْتَأْنَفُ الْآنَ؟، قَالَ: "فِي شَيْءٍ قَدْ خَلَا, وَمَضَى" قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ:

الصفحة 150