كتاب القدر للفريابي محققا

إِلَيْهِ, فَحَجَبَهُ أَيَّامًا, ثُمَّ أَدْخَلَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا غَيْلَانُ, مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ؟، قَالَ عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ: فَأَشَرْتُ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَقُولَ شَيْئًا، قَالَ: فَقَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} 1، قَالَ: اقْرَأْ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} 2، ثُمَّ قَالَ: مَا تَقُولُ يَا غَيْلَانُ؟، قَالَ: أَقُولُ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَبَصَّرْتَنِي, وَأَصَمَّ, فَأَسْمَعَتْنِي, وَضَالًّا فَهَدَيْتَنِي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ غَيْلَانُ صَادِقًا, وَإِلَّا فَاصْلُبْهُ، فَأَمْسَكَ عَنِ الْكَلَامِ فِي الْقَدَرِ، فَوَلَّاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ دَارَ الضَّرْبِ بِدِمَشْقَ، فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ, وَأَفْضَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى هِشَامٍ, تَكَلَّمَ فِي الْقَدَرِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ هِشَامٌ, فَقَطَعَ يَدَهُ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ, وَالذُّبَابِ عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا غَيْلَانُ, هَذَا قَضَاءٌ وَقَدَرٌ، قَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، مَا هَذَا قَضَاءٌ وَلَا قَدَرٌ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ هِشَامٌ, فَصَلَبَهُ.
280 حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ معاذ، حدثنا أبي، حدثنا
__________
1 سورة الإنسان: الآيات: 1-3، وكانت في الأصل مكتوبة إلى قوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} وبعدها الآية، فآثرت إكمال الآية، كما عند الآجري في: الشريعة.
2 سورة الإنسان: الآيتان: 30، 31.
280- في إسناده محمد بن عمرو الليثي، صدوق, له أوهام، وأخرجه الآجري: صـ 209، وابن بطة: 1838، واللالكائي: 1323.

الصفحة 182