كتاب القدر للفريابي محققا

بِرِجْلِهِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ كَثِيرًا، قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّمَا لَدَغَتْكَ وَاحِدَةٌ، فَقَتَلْتَ مِنْهُمْ كَثِيرًا، فَكَذَلِكَ أُعَذِّبُ الطَّائِفَةَ مِنْ خَلْقِي بِذَنْبِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، بِادِّهَانِهِمْ لَهُ، قَالَ: أيْ رَبِّ، خَلَقْتَ خَلَقَكَ فَلِمَ تُعَذِّبُهُمْ، قَالَ: يَا مُوسَى، ازْرَعَ زَرْعًا، فَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَ: احْصُدْهُ، فَحَصَدَهُ، ثُمَّ قَالَ: ذَرْهُ، فَذَرَاهُ، قَالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ مَا انْتَقَيْتُ إِلَّا الطَّيِّبَ، قَالَ: كَذَلِكَ يَا مُوسَى أَنْتَقِي الطَّيِّبَ مِنْ عِبَادِي، وَأُعَذِّبُ الْخَبِيثَ مِنْ عِبَادِي.
439 حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ إِمْلَاءً عَلَيَّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ: مَنْ أَرَادَ الْحُظْوَةَ، فَلْيَتَوَاضَعْ فِي الطَّاعَةِ، فَقَالَ لِي: ويحك، وأي شيء التَّوَاضُعِ، إِنَّمَا التَّوَاضُعُ أَنْ لَا تُعْجَبَ بِعَمَلِكَ، وَكَيْفَ يُعْجَبُ عَامَلٌ بِعَمَلِهِ، وَإِنَّمَا يُعَدُّ الْعَمَلُ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، يَنْبَغِي أَنْ يَشْكُرَ [اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا] 1 وَيَتَوَاضَعَ، إِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْجَبُ بِعَمَلِهِ الْقَدَرِيُّ؛ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يَعْمَلُ، وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ، فَكَيْفَ يُعْجَبُ؟.
440 حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُوهِبٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "فرج
__________
439- إسناده صحيح إلى أبي سليمان الداراني، وأخرجه الآجري في: الشريعة: صـ 221.
1 من كتاب: الشريعة.
440- أخرجه البخاري: 349، ومسلم: 263، ورواية المصنف مختصرة.

الصفحة 245