كتاب طبقات الصوفية للسلمي ويليه ذكر النسوة المتعبدات الصوفيات
بِالشَّام أَنا وَأَبُو يُوسُف الغسولي وَأَبُو عبد الله السنجاري فَقلت يَا ابا إِسْحَاق خبرني عَن بَدْء أَمرك كَيفَ كَانَ قَالَ كَانَ أبي من مُلُوك خُرَاسَان وَكنت شَابًّا فركبت إِلَى الصَّيْد فَخرجت يَوْمًا على دَابَّة لي وَمَعِي كلب فأثرت أرنبا أَو ثعلبا فَبينا أَنا أطلبه إِذا هتف بِي هَاتِف لَا أرَاهُ فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم أَلِهَذَا خلقت أم بِهَذَا أمرت فَفَزِعت ووقفت ثمَّ عدت فركضت الثَّانِيَة فَفعل بِي مثل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات ثمَّ هتف بِي هَاتِف من قربوس السرج وَالله مَا لهَذَا خلقت وَلَا بِهَذَا أمرت قَالَ فَنزلت فصادفت رَاعيا لأبي يرْعَى الْغنم فاخذت جبته الصُّوف فلبستها وَدفعت إِلَيْهِ الْفرس وَمَا كَانَ معي وتوجهت إِلَى مَكَّة
فَبينا أَنا فِي الْبَادِيَة إِذا أَنا بِرَجُل يسير لَيْسَ مَعَه إِنَاء وَلَا زَاد فَلَمَّا أَمْسَى وَصلى الْمغرب حرك شَفَتَيْه بِكَلَام لم أفهمهُ فَإِذا أَنا بِإِنَاء فِيهِ طَعَام وإناء فِيهِ شراب فَأكلت وشربت وَكنت مَعَه على هَذَا أَيَّامًا وَعَلمنِي اسْم الله الْأَعْظَم ثمَّ غَابَ عني وَبقيت وحدي فَبينا أَنا ذَات يَوْم مستوحش من الْوحدَة دَعَوْت الله بِهِ فَإِذا أَنا بشخص آخذ بحجزتي وَقَالَ سل تعطه فراعني قَوْله
فَقَالَ لَا روع عَلَيْك وَلَا بَأْس عَلَيْك أَنا أَخُوك الْخضر إِن أخي دَاوُد علمك اسْم الله الْأَعْظَم فَلَا تدع بِهِ على أحد بَيْنك وَبَينه شَحْنَاء فتهلكه هَلَاك الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَكِن ادْع الله أَن يشجع بِهِ جَنْبك ويقوى بِهِ ضعفك وَيُؤْنس بِهِ وحشتك ويجدد بِهِ فِي كل سَاعَة رغبتك ثمَّ انْصَرف وَتَرَكَنِي
الصفحة 37
503